-->

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

فن الإبدال والإزاحة، حيل وأساليب للتوافق مع النفس


لكي يتوافق الإنسان مع الواقع الذي يعيش فيه ومن قبله مع نفسه فإنه يلجأ شعوريا أو لا شعوريا إلي بعض الحيل والأساليب التي تساعده علي أن يتوافق حتي لا يدخل في شقاق أو صدام مع نفسه ومع الآخرين.
والإزاحة هي أحد أهم هذه الأساليب وتعني باختصار إبدال هدف محل هدف آخر.
وتعني أيضا أن الإنسان لابد أن يلجأ إلي هذه الوسيلة حتي يعبر الأزمة أو حالة الإحباط التي تعرض لها.
فإذا صادفت الإنسان عقبة في طريقه إلي إشباع دافع ما أو رغبة معينة فإنه قد يلجأ إلي عدة أساليب منها إزالة هذه العقبة .
فأنت حين تتقدم مثلا لخطبة فتاة ويعترض تقدمك شاب آخر فأنت تحاول بقدر الإمكان إزالة هذه العقبة من طريقك وقد تلجأ إلي أساليب متعددة .
مثل المبالغة في أن تظهر كرمك وتوافق علي شروط أهلها إضافة إلي الحط من شأن الآخر والتغني بعيوبه.
وإذا كانت العقبة صعبة ووجد الشخص صعوبات في إزالتها فإنه يضطر في هذه الحالة أن يغير من أساليبه، ولعل خير مثال علي هذا الإجراء أن (الفتاة مثلاً التي لا تتمتع بقسط وافر من الجمال وتجد صعوبة في أن تستحوذ علي قلوب الرجال قد تختار طريقا آخر كأن تتقن فن الحديث، أو تثقف نفسها، وهي أساليب يعي الشخص القيام بها راغبا في الوصول إلي تحقيق أهدافه.
ولعل كل الأساليب السابقة تعبر عن رغبة الإنسان في ألا يتوتر، وأن يتخلص بسرعة من هذا الموقف الذي قد يبدو وأنه يعوق رغباته.
وقد يكون الإبدال أو الإزاحة شعوريا وقد لا يكون شعوريا، وهناك العديد من الأمثلة التي تعبر عن الإزاحة ونتفهم مغزاها النفسي وهي صادقة فعلا.
فالمثل القائل: (( اللي ماقدرش علي الحمار اتشطر علي البردعة)) مثال واضح لعملية الإبدال ذلك أن الحمار في هذا المثل وضع مكانه أي شخص يعوق مطلبك قد فجر عدوانيتك هنا العدوان لابد أن يزاح لأنه لو ظل هكذا بداخلك فسوف يحرقك فى النهاية .
ويكون التوتر هذا مدخلا لأن تزيحه أو تفرغه فيمن تتعامل معهم من أشخاص قد أوقعهم حظهم العثر في طريقك وهم لا يدركون أنك علي شفا حفرة من الانفجار.
كذلك فإن القسوة الشديدة من جانب بعض المدرسين وبدون مبرر معقول قد تكون نوعا من العدوان المُزاح نتيجة للعديد من الإحباطات التي يواجهها هؤلاء الأفراد في مختلف حياتهم، وتزاح إلي أول طالب يصدر عنه شغب أو خطأ ما.
وهذه الإزاحة تفسر لنا أيضا تذبذب بعض الآباء في معاملة الابناء، فالإبن الذي يخطأ ويكون الأب غير متوتر قد لا يعطي لهذا الأمر أدني اهتمام.
بل يهون منه علي عكس سلوك الأب حين يكون غاضبا أو متوترا فإنه ينفجر عند أول بادرة لشغب أو براءة الطفل.
وليس شرطا أن تكون الإزاحة أكثر قسوة وشدة من الفعل الأول. إذ قد تكون أقل شدة، وقد تتمحور إلي أساليب ووجهات أخري ولذلك جاء في المثل: (الأيد اللي ماتقدرش تقطعها بوسها) .
وهي حيلة تهدف في نهاية الأمر إلي إزاحة العدوان للرغبة في قطع يد الآخر أو إزالته من علي وجه الأرض إلي محاولة أن تتعايش معه .
بل أيضا أن تبدل عدوانيتك بحب ظاهر كما سبق وشرحنا مفهوم التكوين العكسي أي أن تظهر عكس ما تبطن.
كذلك فإن المثل القالئل ( اللي تطوله منه فايدة) يعبر أيضا عن هذا الميكانيزم، فأنت حين يكون لك حقوق عند آخر ويماطل في رد حقوقك لك. فهنا تزاح عدوانيتك وتأخذ أي شيء بدلا من ألا تأخذ أي شيء علي الإطلاق.
وقد وجد أن هذه الحيلة "الإزاحة" تلعب دورا في نشأة بعض المخاوف نتيجة لعملية الإبدال، ولعل من الحالات الشهيرة لهذا هو حالة طفل صغير يسمي "هانز" لأسباب نفسية متشابكة كرة والده.
إلا أنه يصعب أن يتعايش مع إنسان يكرهه .. هنا حدثت (لا شعوريا) عملية إزاحة للكره من الوالد إلي الأحصنة، مثلاً .
وأصبح هذا الطفل بمجرد رؤيته لأي حصان يعبر أو يسير في الشارع تنتابه آلاف من علامات الارتباك والانفعالات المزعجة. ومع التحليل النفسي والمساندة والحب. تلاشي تدريجيا هذا الكُره.
وإن كنا نسوق هذا المثال الكلاسيكي في علم النفس معبرا عن هذا الميكانيزم. إلا أن الأمر الواقع قد يكشف لنا العديد من المعاني التي تكمن خلف المخاوف المرضية. إذا نجد فيها أيضا، إزاحة.
والخلاصة : إن الإزاحة تعني إبدال رغبة محل رغبة أخري. وقد تكون الإزاحة شعورية أو لا شعورية.
والإزاحة درجات تبدأ بالبسيط السوي وقد تنتهي إلي أن تزيح كل مشاعرك وأهدافك علي أهداف أخري.

والإزاحة في معناها البعيد تعني المرونة، فإذا فشلت في تحقيق رغبة معينة فإنها تزاح إلي رغبة أخري. ((مرضيناش بالخوخ نرضي بشرابه)) ولعل هذا المثل أيضا يعبر عن ميكانيزمات الإزاحة.

شكراً مقدماً على التعليق والمشاركة

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

العرب سايت

2016